الحماية السياسية هي عامل أساسي في المحافظة على المحميات الطبيعية في لبنان
رغم الواقع السوداوي، وصف رئيس التجمّع اللبناني لحماية البيئة رفعت سابا المحميات الطبيعية بأنها “نقطة ضوء مهمة جدا على مستوى العمل البيئي في لبنان، وبالتالي يجب التركيز عليها وتشجيعها والعمل على استكمال قانون المحميات الطبيعية وإصداره”، مؤكداً أن “الحماية السياسية في المناطق هي عامل أساسي في المحافظة على هذه الثروة وحمايتها”.
إذا ما نظرنا إلى المحميات الطبيعية على أنها ثروة وطنية وبيئية وثقافية وسياحية، وهي النظرة الحقيقية والبديهية، فلا يسعنا، مع مرور اليوم الوطني للمحميات في 10 آذار الجاري، إلا الإشارة إلى التعديات اللاحقة بهذه الثروة، والتي لا يصح وصفها إلا بالتعديات الوحشية والجاهلة، فيما وجود مجموعة من هذه المحميات يقتصر على قرارات قانونية تحمي ما هو غير قائم فعلاً، أو تحمي ثروة اندثرت للأسف.
محميّات قائمة بالإسم!
أوضح سابا أن غياب الحماية السياسية “جعل من محمية جزر النخل مكاناً مباحاً للتعديات. فالناس يسبحون هناك من دون حسيب أو رقيب رغم أهمية الموقع ومكانته البيئية والإيكولوجية”. وأضاف “ثمة محميات قائمة فقط بالإسم، وهي لا تلقى العناية التي تستحقها، كمحمية اليمونة مثلاً، التي لم يتمكنوا من تشكيل لجنة إدارية لها. وهذه المحمية قائمة بموجب القانون، لكن على الأرض هي غير موجودة”. وتلقى محمية كرم شباط (بين القبيات والجعافرة) المصير عينه وفق سابا، “وتواجه تعديات لا تحصى، كالتوسع العمراني وقطع الأشجار. وهي ايضاً غير موجودة إلا من خلال نص القرار الصادر عن الوزير، أما فعليا فهي تفتقر الى كل أنواع الحماية، رغم أنها من أروع المناطق”.
وشدد على أن ثمّة مناطق لا بدّ من تصنيفها، كمحميات، ومن بينها “سلسلة الجبال والغابات الممتدة من القبيات حتى أرز الرب. إنها من أروع الغابات، وهي تتعرض للرعي الجائر والقطع والتوسع العمراني والتحول مرامل ومقالع. وتنضم كذلك كرم شباط واليمونة والقموعة وفنيدق إلى المناطق التي تتعرض للتعدي على الغابات، رغم أن غابة العزر في فنيدق هي من الأروع في الشرق”.
وحدد سابا التحدي الأبرز الذي يواجه هذه المحميات بـ”إصدار قانون المحميات الطبيعية وتطبيقه، فهذا كل ما يلزم لحمايتها لأنها تتضمن عناصر حمايتها الذاتية على المستوى الطبيعي. ولا بدّ من قرار سياسي جدي بحماية هذه المحميات ووعي من قبل الأهالي المحيطين بهذه المناطق على أهمية وجودها كثروة وطنية لهم وللأجيال المقبلة”.
معلومات موثقة من وزارة البيئة
يورد تقرير أصدرته وزارة البيئة قبل حلول اليوم الوطني للمحميات المصادف في 10 آذار الماضي، مجموعة من المعلومات تتناول المحميات اللبنانية وخصائصها، ويرفقها بأرقام تشير إلى أن “14 محمية طبيعية تشكل حوالي 3% من مساحة وطن الأرز. تحتوي هذه المحميات على تنوع بيولوجي غني جداً، يتمثل في نحو 370 نوعاً من الطيور المقيمة والمهاجرة وما يزيد عن 2000 نوع من النباتات والأزهار البرية، والكثير من هذه النباتات يتفرّد به لبنان، والبعض منها طبية وعطرية ومأكولة، بالإضافة إلى نحو 30 نوعاً من الثدييات، نذكر منها الذئب والضبع والهر البري والنيص والسنجاب”.
وأوضح التقرير أن هذه المحميات “تنشأ وتدار تحت إدارة وإشراف وزارة البيئة، وتحتوي على معظم غابات الأرز المتبقية في لبنان”. أما بالنسبة لمساحة غابات الأرز داخل وخارج المحميات فتبلغ حوالي 2000 هكتار، موزعة على نحو 12 تجمعاً وغابة، أهمها القموعة وإهدن وبشري وتنورين وحدث الجبة وجاج وعين زحلتا وبمهريه والباروك ومعاصر الشوف”. أما محميات لبنان الاربع عشرة فهي “حرج إهدن وجزر النخيل وغابة أرز تنورين ومشاع شننعير وبنتاعل واليمونة وأرز الشوف وشاطىء صور ووادي الحجير وكرم شباط ومحميات رامية وكفرا وبيت ليف ودبل”. وبالإضافةً الى المحميات الطبيعية “يوجد في لبنان 28 غابة محمية و17 موقعاً طبيعياً”.
وأكد التقرير أن “المناطق المحمية، خصوصاً المحميات الطبيعية، تلعب دوراً مهماً في حماية واستدامة الموارد الطبيعية، وخصوصاً التنوع البيولوجي، كما تعتبر عنصراً مهماً في التنمية المحلية والريفية، إذ انها تساهم في جذب عدد كبير من الزوار الذين يساهمون بدورهم عبر نشاطات السياحة البيئية برفع مدخول المجتمعات المحلية التي تعيش في محيط المحميات الطبيعية الحيوي”. وأضاف “ترتبط السياحة البيئية ارتباطاً مباشراً بالمحميات وهي من الوسائل المهمة التي تساعد فرق عمل المحميات على زيادة إيراداتها وتقوية علاقاتها مع مجتمعاتها المحلية، عبر تحسين أوضاعها الإقتصادية والإجتماعية”.
إذا تعتبر السياحة البيئية من أهم النشاطات في المحميات الطبيعية، التي تضاف إلى النشاطات الأساسية وهي حماية ومراقبة التنوع البيولوجي. “وأهم نشاطات السياحة البيئية في المحميات هي المشي في الطبيعة، مراقبة الطيور والحيوانات، السباحة، التعرف على النباتات، ركوب الدراجات الهوائية، تسلق الجبال، التعرف على التقاليد المحلية، مراقبة النجوم، بالإضافة إلى نشاطات التربية والتوعية البيئية والألعاب البيئة الهادفة لتلامذة المدارس وغيرها”.
المصدر: جريدة النهار – باسكال عازار- 12 آذار 2014