22 أبريل يوم الأرض العالمي تحت شعار “مواجهة تغير المناخ”
تحتفل الكثير من دول العالم غد الاثنين 22 أبريل بمناسبة يوم الأرض العالمي والحفاظ على البيئة وسط تحذيرات من آثار التغيرات المناخية وتحت شعار “مواجهة تغير المناخ”، وذلك من أجل رفع الوعي بقضايا البيئة وأهمية العمل على إيجاد حلول للمشكلات التي تواجه بيئتنا.
وتعد مناسبة يوم الأرض العالمي هذا العام في غاية الأهمية لنعيد الاعتبار لبيئتنا وأرضنا، فهو ليس يوما عاديا كبقية الأيام وليس يوما خاصا بشعب من الشعوب أو بأمة من الأمم، بل هو يوم لكل من يعيش على الكرة الأرضية، لكي نفكر جميعا في حماية البيئة ونقوم بخطوات مؤثرة فعلا في إيقاف التلوث والإضرار بالبيئة.. فنحن نريد عالما دون تلوث ودون ما يضر الإنسان والكائنات الحية فليكن “يوم الأرض العالمي 2013” انطلاقة جيدة نحو أرض صالحة.
ولعل بلداننا العربية هي الأحوج من غيرها لجعل “يوم الأرض العالمي” عيداً عربياً نظراً للكوارث البيئية والتلوثات المحيقة بنا من كل جانب، والتي تعاني منها مدننا، وموجة التصحر الزاحفة على الطبيعة والتي باتت تمتد رقعتها يوماُ بعد يوم وانعكاسها حتى على مياه الشرب الآخذة بالاضمحلال.
وحذر مجموعة من خبراء الأمم المتحدة المستقلين أمس السبت من أن استمرار فشل البشرية في حماية وحفظ البيئة في كثير من النواحي سوف يؤدي غالبا إلى عواقب وخيمة على حقوق الإنسان.
جاء ذلك في بيان وقعه خبراء متخصصون في مجالات العلاقة بين حقوق الإنسان والبيئة والنفايات السامة والصحة والمياه والصرف الصحي والغذاء والشعوب الأصلية بمناسبة يوم الأرض 2013.
وأوضح الخبراء “أن المجتمع الدولي اتخذ خطوات كبيرة لمعالجة القضايا البيئية الملحة منذ عقود وتحديدا منذ تخصيص “يوم الأرض” في 22 ابريل من عام 1970 لكن منذ ذلك الوقت ظهرت مشكلة الأوزون وفقدان الأنواع المهددة بالانقراض والتلوث البحري والعديد من التهديدات البيئية الأخرى”.
وقال خبير الأمم المتحدة المستقل المعني بحقوق الإنسان والبيئة جون نوكس “عندما تفشل الحكومات في جميع أنحاء العالم في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تؤدي إلى تغير المناخ العالمي فإنهم فشلوا في حماية العديد من حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق الحياة والصحة والممتلكات والتنمية وتقرير المصير”.. معتبراً أن أكثر المتضررين من هذا هم الذين يعيشون في المجتمعات الضعيفة مثل تلك الموجودة في المناطق الساحلية المنخفضة أو في المنطقة القطبية.
واتفق كل من المقرر الخاص للأمم المتحدة الخاص المعني بمشكلة النفايات السامة مارك باليمرتس مع نظيره المعني بالحق في الصحة أناند غروفر على “أن الحق في الصحة هو حق شامل يمتد أيضا إلى ضرورة التخلص من السميات البيئية الكامنة والحصول على بيئة صحية بالتخلص من المواد السامة وتحسين أوضاع من يعيشون بالقرب من مواقع النفايات وهم معرضون للموت والمرض”.
من جهتها أوضحت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحق الإنسان في المياه والصرف الصحي كاتارينا دي البوكيرك ونظيرها المعني بالحق في الغذاء أوليفييه دي شوتر استمرار استنزاف الأنهار وتلوثها وتعريض سبل عيش العديد من الفئات المستضعفة إلى الخطر.. كما حذرا من أن إمكانية الحصول على مياه شرب كافية وآمنة وزراعة المحاصيل الغذائية والحصاد من المصايد التقليدية باتت كلها في خطر.
وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الشعوب الأصلية جيمس أنايا “عندما يتم اتخاذ مساحات كبيرة من الأراضي في أقاليم الشعوب الأصلية لمشاريع التعدين فإنها تترك في أكثر الأحيان آثارا بيئية شديدة وغالبا من دون موافقة سكان تلك المناطق فإننا ننتهك وبشكل كبير حقوق الإنسان في تلك المجتمعات”.
وشددت المقررة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان مارغريت سيكاغيا على أن تعرض الآلاف من مناهضي التأثيرات البيئية السلبية المتوقعة لبعض المشاريع للضرب وحتى القتل يشكل انتهاكا صارخا لحقوقهم الإنسانية.
وقال خبير الأمم المتحدة المستقل المعني بتعزيز وجود نظام دولي منصف وديمقراطي ألفريد دي زايا “عندما نلوث موارد الأرض والنفايات فنحن ننتهك حقوق الأجيال المقبلة ونقوض نظاما دوليا قائما على المشاركة الديمقراطية والتقاسم العادل لثروة هذا الكوكب”.. مضيفاً “إن التضامن الدولي مطلوب من الحكومات والمجتمع المدني لحماية الأرض بما في ذلك من خلال السعي إلى وضع تدابير العقوبات بمقتضى القانون الدولي”.
ويتفق الخبراء على أن ما جاء في سياق هذا البيان ليس سوى أمثلة قليلة من كثير من التحديات المستمرة لمواجهة المجتمع الدولي بسبب تدهور البيئة.. وطالبوا المجتمع الدولي بالتعاون لمعالجة تلك التحديات بشكل جماعي إلى جانب العديد من المشاكل البيئية الملحة الأخرى التي لا تزال لها آثار شديدة على التمتع بحقوق الإنسان.
ويجمع الخبراء على أن الوقت حان لاتخاذ هذه المناسبة للاعتراف بالرابط الأساسي بين بيئة نظيفة وصحية وبين تحقيق مجموعة واسعة من حقوق الإنسان الأساسية.. مشددين على ضرورة اعتراف المجتمع الدولي بالدور الحاسم لقانون حقوق الإنسان في ضمان حماية البيئة.
وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في أبريل عام 2009، يوم 22 أبريل بوصفه اليوم الدولي ل”أمنا الأرض”، وهو يوم يستهدف نشر الوعي والاهتمام ببيئة كوكب الأرض، كما أنه اعتراف أيضا بالمسئولية الجماعية، التي دعا إليها إعلان ريو لعام 1992، لتعزيز الانسجام مع الطبيعة والأرض لتحقيق توازن عادل بين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للأجيال البشرية الحاضرة والمقبلة.
وتعتبر عبارة “أٌمنا الأرض” شائعة في عدد من البلدان والمناطق ويراد بها كوكب الأرض، وتجسد الترابط القائم بين البشر وغيرهم من الكائنات الحية، والكوكب الذي نسكنه جميعا، فالبوليفيون على سبيل المثال، يطلقون على أمنا الأرض اسم “باتشاماما”، والنيكاراجويون يشيرون إليها باسم “تونانتزين”.. كما أن مصطلح “الأرض الأم” يعكس العلاقة بين الكوكب ونظمه البيئية والإنسان.
وتشير تقارير الهيئة الدولية الحكومية المعنية بتغير المناخ، إلى ارتفاع منسوب البحر منذ عام 1900م بنسبة 10-20 سنتيمترًا، كما تتراجع أغلب الأنهار الجليدية غير القطبية، وتتضاءل درجة الجليد وكثافته بالبحر القطبي الشمالي خلال فصل الصيف، ووجد أن حوالي 46 مليون شخص يتعرضون للفيضانات سنوياً نظراً لهبوب العواصف العاتية.. وقد يؤدي ارتفاع منسوب البحر بمقدار 50 سنتيمتراً إلى زيادة هذا العدد ليصل لحوالي 92 مليونا، كما أن ارتفاعه بمقدار متر واحد سيزيد هذا الرقم إلى 118 مليونا.
وطبقاً للتقييم الأخير الذي أجرته الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ، أظهرت الدراسات أن الجزر الصغيرة ومناطق دلتا الأنهار تكون أكثر عرضة لارتفاع منسوب البحر بمقدار متر واحد، وفي غياب الأعمال التي من شأنها تخفيف حدة هذه الآثار، مثل بناء جدران على البحار، من المتوقع أن تتراوح الخسائر في الأراضي بين 1 في المائة في مصر، و6 في المائة في هولندا، و17.5 في المائة في بنجلاديش، إلى نحو 80 في المائة في جزر المارشال، مما سيترتب عليه تشريد عشرات الملايين من الأشخاص، الأمر الذي قد يؤدي في حالة الدول الجزرية الصغيرة إلى فناء أمم بأكملها.
وبعد تزايد الاهتمام العالمي بالبيئة، وفي محاولة للحد من التلوث وتدمير البيئة اللذين يهددان مستقبل البشرية، أُعْلِنَ أن تاريخ 22 أبريل من كل عام، يُخصص للنشاطات البيئية للفت الانتباه إلى مشاكل البيئة التي تُعاني الكرة الأرضية منها، بهدف معالجة أسباب ونتائج تلك المشاكل، وقد أطلق على ذلك اليوم اسم “يوم الأرض العالمي”.
ويوم الأرض العالمي هو يوم اتفقت عليه معظم دول العالم كمناسبة سنوية، لينظروا في مشاكل الكرة الأرضية، وكنتاج لتطور وعي بيئي عالمي، أسسه السيناتور الأمريكي “غايلورد نيلسون” كيوم بيئي تثقيفي عقد لأول مرة في 22 أبريل 1970م.. يهدف إلى نشر الوعي والاهتمام بالبيئة الطبيعية لكوكب الأرض، كما يهدف إلى زيادة الوعي الشعبي بالمشاكل البيئية.. ويجتمع الملايين من الناس في هذا اليوم من كل عام بكل أنحاء العالم، لتنظيف الأوساخ، والاحتجاج على المخاطر التي تهدد البيئة، وللاحتفال بالتقدم الذي تم إحرازه في مجال تقليل التلوث.
وقد أشاد صاحب الفكرة “السناتور نيلسون” بالهدف من مناسبة يوم الأرض لجذب اهتمام الرأي العام لأهمية البيئة والحفاظ عليها، وإبراز قضية البيئة كإحدى القضايا الأساسية في العالم، ونجح في تحقيق هذا الهدف وأعتبر هذا اليوم هو الفرصة التي أُعطيت للشعوب، ليهتم القادة السياسيون بقضية بيئتهم.
وبدأت مناسبة الاحتفال بذكرى “يوم الأرض” حين ازدهرت الصناعة في الولايات المتحدة الأمريكية وأخذت المصانع تبث النفايات الصناعية الملوثة التي بدأت نتائجها تظهر على الطبيعية, فكان أول من دقت جرس الإنذار العالمة بالإحياء البحرية ريتشيل كارسون في كتابها “الربيع الصامت” في إشارة إلى أن المستقبل لا وجود للطيور فيه, وكانت المفاجأة أن الكتاب لقي رواجا منقطع النظير عام 1962.
فعندما قام “السيناتور نلسون” من ولاية ويسكونسن ومساعده “دنيس هايز” بزيارة سانتا باربارا بولاية كاليفورنيا عام 1969م، تملكهما الغضب والذعر عندما شاهدا كميات كبيرة من النفط تلوث مياه المحيط الهادي بالقرب من السواحل الأمريكية لمسافة عدة أميال، وكان لهذا التلوث تأثير خطير على البيئة ويجعل حياة الأسماك والطيور والأحياء المائية مستحيلة.
وعندما عادا إلى واشنطن، روج نلسون لفكرة “يوم الأرض” بين مختلف شرائح المجتمع فنجح, وقام بتمرير قانون يخصص يوم 22 أبريل من كل عام كعيد قومي للاحتفال بكوكب الأرض، وقام المحامي والناشط في مجال البيئة دنيس هيز، وكان حينها حديث التخرج في جامعة ستاندفورد، بقيادة مئات الطلبة، لتخطيط وتنظيم أول يوم للأرض.. وشارك في هذا اليوم حوالي 20 مليون شخص في تظاهرة سلمية في جميع أنحاء البلد، كما شاركت عشرة ألف مدرسة ابتدائية وثانوية وألفا جامعة وألف مجتمع سكاني محلي.. وكان ذلك هو الحدث الملفت الذي أصبح “يوم الأرض”.
وقد ساعد يوم الأرض الأول في عام 1970م على تنبيه الناس لمخاطر التلوث، وحثهم على تبني حركة بيئية جديدة.. ففي نفس العام، استحدث الكونجرس الأمريكي وكالة الحماية البيئية لوضع وتطبيق المعايير المتعلقة بالتلوث.. كما أجاز الكونجرس أيضًا قانون الهواء النظيف لعام 1970م، الذي يحد من معدلات التلوث الهوائي الناتج من استخدام السيارات والمرافق العامة والصناعات.. وتلا ذلك بوقت قصير، صدور قوانين وتشريعات بيئية جديدة أخرى.. ونشأت وكالات لحماية البيئة من تخريب الإنسان لها, كما تأسست منظمات ذات طابع سلمي مثل غرين بيس عام 1971 في كندا.
وبينما كان تركيز يوم الأرض الأول على الولايات المتحدة، لكن دينيس هايس، والذي كان المنظم المحلي في أمريكا عام 1970، أسس منظمة جعلت هذا اليوم دوليا وأقامته عام 1990 في 141 دولة.. وحاليا تنظمه شبكة أطلق عليها “شبكة يوم الأرض”، وتحتفل به سنوياً أكثر من 175 دولة من جميع أنحاء العالم.. وبعض البلدان تسميه “أسبوع الأرض” وتحتفل به على مدار أسبوع كامل.
ويمثل يوم 22 أبريل فصل الربيع في نصف الكرة الأرضية الشمالي وفصل الخريف في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.. ولا يزال اليوم العالمي للبيئة، الذي يتم الاحتفال به في 5 يونيو من كل عام هو المناسبة البيئية الرئيسية للأمم المتحدة.
وجاءت تظاهرات “يوم الأرض العالمي” بنتائج انعكست على الصعيد المنزلي من خلال تربية الأطفال على احترام الطبيعة, وفصل النفايات بهدف إعادة معالجة بعضها للاستفادة منه, مما أدى إلى أن الشركات بدأت تروج لنفسها بوصفها صديقة للبيئة بعد تبنيها ممارسات واعية وقلصت حجم النفايات الصناعية.
ولقد كانت تظاهرة يوم الأرض لعام 1990 مذهلة للعالم حيث شارك أكثر من 200 مليون شخص في شتى أنحاء العالم, وكان لهيئة الأمم المتحدة حصة كبيرة في هذا النشاط في مؤتمراتها حول البيئة والتنمية, كما كان الاحتفال بيوم الأرض عام 1995 بمناسبة مرور 25 عاما عليه لأول مرة بمثابة وقفة لتقويم التقدم في المجال البيئي الذي بدأ يشهد قفزة نوعية.
وتم الاحتفال بذكرى مرور 37 عاماً لأول مرة على تنظيم يوم الأرض عام 2007 وقد تطور ما تم البدء به عام 1970 كحركة احتجاج إلى احتفال عالمي بالبيئة والتزام بحمايتها.. كما تزامن الاحتفال بيوم الأرض 2010 مع المؤتمر العالمي لتغير المناخ وحقوق كوكب الأرض الذي عقد في كوتشابامبا بوليفيا، وكذلك مع السنة الدولية للتنوع البيولوجي.
وتضمن الاحتفال بيوم الأرض للعام 2012 العديد من الفعاليات والأنشطة التي شارك فيها الملايين حول العالم مثل “القراءة من أجل الأرض” وهي حملة قامت بها المكتبات من أجل حث الشباب على القراءة والإطلاع فيما يتعلق بالبيئة والمشاكل التي تواجهها، وحملة “فنانون ورياضيون من أجل الأرض” وهى الفعالية التي شارك فيها العديد من الفنانين والرياضيين من خلال المسارح والمتاحف والمحافل الرياضية من أجل توعية المجتمع حول أهمية الحفاظ على البيئة، بالإضافة إلى مشروع “الطاقة المتجددة للجميع” والذي كان هدفه نشر فكرة استبدال موارد الطاقة المستخدمة حالياً بموارد متجددة للطاقة من أجل تنمية مستدامة للبيئة.
كما أنه وفى إطار الاحتفال العالمي بهذا اليوم 2012 أيضاً قام موقع “جوجل” بتغيير شعاره المعتاد إلى شعار متحرك يمثل حروف كلمة Google على هيئة عشب أخضر تنبت منه زهور تتفتح.. وعند الضغط على الشعار يمدك جوجل بروابط أكثر عن الأخبار والفعاليات المختلفة المتعلقة بيوم الأرض لعام 2012.
المصدر: عن وكالة الأنباء اليمنية